فصل: تفسير الآية رقم (99):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (99):

{وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)}
{السماء} في هذا الموضع السحاب، وكل ما أظلك فهو سماء، و{ماء} أصله موه تحركت الواو وانفتح ما قبلها فجاء ماه فبدلت الهاء بالهمزة لأن الألف والهاء ضعيفان مهموسان، وقوله: {نبات كل شيء} قال بعض المفسرين أي مما ينبت، وحسن إطلاق العموم في {كل شيء} لأن ذكر النبات قبله قد قيد المقصد وقال الطبري والمراد ب {كل شيء} ما ينمو من جميع الحيوانات والنبات والمعادن وغير ذلك، لأن ذلك كله يتغذى وينمو بنزول الماء من السماء، والضمير في {منه} يعود على النبات، وفي الثاني يعود على الخضر، و{خضراً} بمعنى أخضر، ومنه قوله عليه السلام: «الدنيا خضرة حلوة» بمعنى خضراء.
قال القاضي أبو محمد: وكأن {خضراً} إنما يأتي أبداً لمعنى النضارة وليس للون فيه مدخل، وأخضر إنما تمكنه في اللون، وهو في النضارة تجوز، وقوله: {حباً متراكباً} يعم جميع السنابل وما شاكلها كالصنوبر، والرمان وغيرها من جميع النبات، وقوله تعالى: {ومن النخل} تقديره ونخرج من النخل و{من طلعها قنوان} ابتداء خبره مقدم، والجملة في موضع المفعول بنخرج، و{الطلع} أول ما يخرج من النخلة في أكمامه، و{قنوان} جمع قنو وهو العِذق بكسر العين وهي الكباسة، والعرجون عوده الذي ينتظم التمر، قرأ الأعرج {قنوان} بفتح القاف، وقال أبو الفتح ينبغي أن يكون اسماً للجمع غير مكسر لأن فعلان ليس من أمثلة الجمع قال المهدوي وروي عن الأعرج ضم القاف، وكذلك أنه جمع قُنو بضم القاف، قال الفراء وهي لغة قيس وأهل الحجاز، والكسر أشهر في العرب، وقنو يثنى قنوان منصرفة النون، و{دانية} معناه قريبة من المتناول، قاله ابن عباس والبراء بن عازب والضحاك وقيل قريبة بعضها من بعض، وقرأ الجمهور {وجناتٍ} بنصب جَنات عطفاً على قوله نبات، وقرأ الأعمش ومحمد بن أبي ليلى ورويت عن أبي بكر عن عاصم {وجناتٌ} بالرفع على تقدير ولكم جنات أو نحو هذا، وقال الطبري وهو عطف على قنوان.
قال القاضي أبو محمد: وقوله ضعيف و{الزيتون والرمان} بالنصب إجماعاً عطفاً على قوله: {حباً}، {ومشتبها وغير متشابه} قال قتادة: معناه تتشابه في اللون وتتباين في الثمر، وقال الطبري: جائز أن تتشابه في الثمر وتتباين في الطعم، ويحتمل أن يريد تتشابه في الطعم وتتباين في المنظر، وهذه الأحوال موجودة بالاعتبار في أنواع الثمرات، وقوله تعالى: {انظروا} وهو نظر بصر يترتب عليه فكرة قلب، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر وعاصم {إلى ثَمَره} بفتح الثاء والميم وهو جمع ثمرة كبقرة وبقر وشجرة وشجر، وقرأ يحيى بن وثاب ومجاهد {ثُمُره} بضم الثاء والميم قالا وهي أصناف المال.
قال القاضي أبو محمد: كأن المعنى انظروا إلى الأموال التي تتحصل منه، وهي قراءة حمزة والكسائي، قال أبو علي والأحسن فيه أن يكون جمع ثمره كخشبة وخشب وأكمة وأكم، ومنه قول الشاعر: [الطويل]
تَرَى الأكْمَ فيهِ سُجَّداً لِلْحَوافِرِ ** نظيره في المعتل لابة ولوب وناقة ونوق وساحة وسوح.

ويجوز أن يكون جمع جمع فتقول ثمرة وثمار وثمر مثل حمار وحمر، وقرأت فرقة {إلى ثُمْره} بضم الثاء وإسكان الميم كأنها ذهبت إلى طلب الخفة في تسكين الميم، والثمر في اللغة جنى الشجر وما يطلع، وإن سمي الشجر ثماراً فتجوز، وقرأ جمهور الناس و{يَنعه} بفتح الياء وهو مصدر ينع يينع إذا نضج، يقال ينع وأينع وبالنضج فسر ابن عباس هذه الآية ومنه قول الحجاج إني لأرى رؤوساً قد أينعت ويستعمل ينع بمعنى استقل واخضر ناضراً، ومنه قول الشاعر: [المديد]
في قبابٍ حَوْلَ دَسْكَرَة ** حَوْلَها الزّيْتُونُ قَدْ يَنَعَا

وقيل في {ينعه} إنه جمع يانع مثل في تاجر وتجر وراكب وركب ذكره الطبري، وقرأ ابن محيصن وقتادة والضحاك {ويُنعه} بضم الياء أي نضجه، وقرأ ابن أبي عبلة واليماني. {ويانعه}، وقوله: {إن في ذلكم لآيات} إيجاب تنبيه وتذكير وتقدم تفسير مثله.

.تفسير الآيات (100- 102):

{وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)}
{جعلوا} بمعنى صيروا، و{الجن} مفعول و{شركاء} مفعول ثان مقدم، ويصح أن يكون قوله: {شركاء} مفعولاً أولاً و{لله} في موضع المفعول الثاني و{الجن} بدل من قوله: {شركاء} وهذه الآية مشيرة إلى العادلين بالله والقائلين إن الجن تعلم الغيب العابدين للجن، وكانت طوائف من العرب تفعل ذلك وتستجير بجن الأودية في أسفارها ونحو هذا، أما الذين خرقوا البنين فاليهود في ذكر عزير والنصارى في ذكر المسيح، وأما ذاكروا البنات فالعرب الذين قالول للملائكة بنات الله، فكأن الضمير في {جعلوا} و{خرقوا} لجميع الكفار إذ فعل بعضهم هذا، وبنحو هذا فسر السدي وابن زيد، وقرأ شعيب بن أبي حمزة {شركاء الجنِّ} بخفض النون، وقرأ يزيد بن قطيب وأبو حيوة الجن والجن بالخفض والرفع على تقديرهم الجن، وقرأ الجمهور {وخلَقهم} بفتح اللام على معنى وهو خلقهم، وفي مصحف عبد الله بن مسعود {وهو خلقهم} يحتمل العودة على الجاعلين ويحتملها على المجعولين، وقرأ يحيى بن يعمر {وخلْقهم} بسكون اللام عطفاً على الجن أي جعلوا خلقهم الذي ينحتونه أصناماً شركاء بالله، وقرأ السبعة سوى نافع {وخرَقوا} بتخفيف للراء وهو بمعنى اختلفوا وافتروا وقرأ نافع {وخرّقوا} بتشديد الراء على المبالغة، وقرأ ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما {وحرّفوا} مشددة الراء، وقوله: {بغير علم} نص على قبح تقحمهم المجهلة وافترائهم الباطل على عمى، {سبحانه} أي تنزه عن وصفهم الفاسد المستحيل عليه تبارك وتعالى و{بديع} بمعنى: مبدع ومخترع وخالق، فهو بناء اسم فاعل كما جاء: سميع بمعنى مسمع و{أنى} بمعنى كيف ومن أين، فهي استفهام في معنى التوقيف والتقرير، وقرأ جمهور الناس {ولم تكن} بالتاء على تأنيث علامة الفعل، وقرأ إبراهيم النخعي: بالياء على تذكيرها وتذكير كان وأخواتها مع تأنيث اسمها أسهل من ذلك في سائر الأفعال، فقولك: كان في الدار هند أسوغ من قام في الدار هند، وحسن القراءة الفصل بالظرف الذي هو الخبر ويتجه في القراءة المذكورة أن يكون في {تكن} ضمير اسم الله تعالى، وتكون الجملة التي هي {له صاحبة} خبر كان، ويتجه أن يكون في يكن ضمير أمر وشأن وتكون الجملة بعد تفسيراً له وخبراً، وهذه الآية رد على الكفار بقياس الغائب على الشاهد، وقوله: {وخلق كل شيء} لفظ عام لكل ما يجوز أن يدخل تحته ولا يجوز أن يدخل تحته صفات الله تعالى وكلامه، فليس هو عموماً مخصصاً على ما ذهب إليه قوم لأن العموم المخصص هو أن يتناول العموم شيئاً ثم يخرجه التخصيص، وهذا لم يتناول قط هذه التي ذكرناها، وإنما هذا بمنزلة قول الإنسان: قتلت كل فارس وأفحمت كل خصم فلم يدخل القائل قط في هذا العموم الظاهر من لفظه، وأما قوله: {وهو بكل شيء عليم} فهذا عموم على الإطلاق ولأن الله عز وجل يعلم كل شيء لا رب غيره ولا معبود سواه، ولما تقررت الحجج وبانت الوحدانية جاء قوله تعالى: {ذلكم الله ربكم} الآية تتضمن تقريراً وحكماً إخلاصاً أمراً بالعبادة وإعلاماً بأنه حفيظ رقيب على كل فعل وقول وفي هذا الإعلام تخويف وتحذير.

.تفسير الآيات (103- 105):

{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105)}
أجمع أهل السنة على أن الله تعالى يرى يوم القيامة، يراه المؤمنون وقاله ابن وهب عن مالك بن أنس، والوجه أن يبين جواز ذلك عقلاً ثم يستند إلى ورود السمع بوقوع ذلك الجائز، واختصار تبيين ذلك يعتبر بعلمنا بالله عز وجل، فمن حيث جاز أن نعلمه لا في مكان ولا متحيز ولا مقابل ولم يتعلق علمنا بأكثر من الوجود، جاز أن نراه غير مقابل ولا محاذى ولا مكيفاً ولا محدوداً، وكان الإمام أبو عبد الله النحوي يقول: مسألة العلم حلقت لحى المعتزلة ثم ورد الشرع بذلك وهو قوله عز وجل: {وجوه يؤمئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} [القيامة: 22] وتعدية النظر يأتي إنما هو في كلام العرب لمعنى الرؤية لا لمعنى الانتظار على ما ذهبت إليه المعتزلة، وذكر هذا المذهب لمالك فقال: فأين هم عن قوله تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} [المطفّفين: 15].
قال القاضي أبو محمد: فقال بدليل الخطاب ذكره النقاش ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم، فيما صح عنه وتواتر وكثر نقله: إنكم ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر ونحوه من الأحاديث على اختلاف ترتيب ألفاظها، وذهبت المعتزلة إلى المنع من جواز رؤية الله تعالى يوم القيامة واستحال ذلك بآراء مجردة، وتمسكوا بقوله تعالى: {لا تدركه الأبصار} وانفصل أهل السنة عن تمسكهم بأن الآية مخصوصة في الدنيا، ورؤية الآخرة ثابتة بأخبارها، وانفصال آخر، وهو أن يفرق بين معنى الإدراك ومعنى الرؤية، ونقول إنه عز وجل تراه الأبصار ولا تدركه، وذلك الإدراك يتضمن الإحاطة بالشيء والوصول إلى أعماقه وحوزه من جميع جهاته، وذلك كله محال في أوصاف الله عز وجل، والرؤية لا تفتقر إلى أن يحيط الرائي بالمرئي ويبلغ غايته، وعلى هذا التأويل يترتب العكس في قوله: {وهو يدرك الأبصار} ويحسن معناه، ونحو هذا روي عن ابن عباس وقتادة وعطية العوفي، فرقوا بين الرؤية والإدراك، وأما الطبري رحمه الله ففرق بين الرؤية والإدراك واحتج بقول بني إسرائيل إنَّا لمدركون فقال إنهم رأوهم ولم يدركوهم.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: وهذا كله خطأ لأن هذا الإدراك ليس بإدراك البصر بل هو مستعار منه أو بإشتراك، وقال بعضهم إن المؤمنين يرون الله تعالى بحاسة سادسة تخلق يوم القيامة، وتبقى هذه الآية في منع الإدراك بالأبصار عامة سليمة، قال: وقال بعضهم: إن هذه الآية مخصوصة في الكافرين، أي إنه لا تدركه أبصارهم لأنهم محجوبون عنه.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: وهذه الأقوال كلها ضعيفة ودعاو لا تستند إلى قرآن ولا حديث، و{اللطيف} المتلطف في خلقه واختراعه وإتقانه، وبخلقه وعباده و{الخبير} المختبر لباطن أمورهم وظاهرها، و{البصائر} جمع بصيرة وهي ما يتفق عن تحصيل العقل للأشياء المنظور فيها، بالاعتبار، فكأنه قال قد جاءكم في القرآن والآيات طرائق إبصار الحق والمعينة عليه، والبصيرة للقلب مستعارة من إبصار العين، والبصيرة أيضاً هي المعتقد المحصل في قول الشاعر [الأسعر الجعفي]: [الكامل]
راحوا بَصَائِرُهُمْ عَلَى اكْتَافِهِمْ ** وَبَصيِرَتي يَعْدُو بها عَتدٌ وَأَى

وقال بعض الناس في هذا البيت البصيرة طريقة الدم، والشاعر إنما يصف جماعة مشوا به في طلب دم ففتروا فجعلوا الأمر وراء ظهورهم، وقوله تعالى: {من أبصر ومن عمي} عبارة مستعارة فيمن اهتدى ومن ضل، وقوله: {وما أنا عليكم بحفيظ} كان في أول الأمر وقبل ظهور الإسلام ثم بعد ذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حفيظاً على العالم آخذاً لهم بالإسلام والسيف، وقوله تعالى: {وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست} الآية، الكاف في قوله: {وكذلك} في موضع نصب ب {نصرف} أي ومثل ما بينا البصائر وغير ذلك نصرف الآيات أي نرددها نوضحها وقرأت طائفة {ولْيقولوا درست} بسكون اللام على جهة الأمر ويتضمن التوبيخ والوعيد. وقرأ الجمهور {ولِيقولوا} بكسر اللام على أنها لام كي وهي على هذا لام الصيرورة كقوله: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً} [القصص: 8] إلى ذلك، وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي {درست} أي يا محمد درست في الكتب القديمة ما تجيبنا به، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو {دارست} أي أنت يا محمد دارست غيرك في هذه الأشياء أي قارأته وناظرته، وهذا إشارة منهم إلى سلمان وغيره من الأعاجم واليهود، وقرأ ابن عامر وجماعة من غير السبعة {درستْ} بإسناد الفعل إلى الآيات كأنهم أشاروا إلى أنها ترددت على أسماعهم حتى بليت في نفوسهم وامحت، قال أبو علي واللام في {ليقولوا} على هذه القراءة بمعنى لئلا يقولوا أي صرفت الآيات وأحكمت لئلا يقولوا هذه الأساطير قديمة قد بليت وتكررت على الأسماع، واللام على سائر القراءات لام الصيرورة، وقرأت فرقة {دارست} كأنهم أرادوا دراستك يا محمد أي الجماعة المشار إليها قبل من سلمان واليهود وغيرهم، وقرأت فرقة {درُست} بضم الراء وكأنها في معى درست أي بليت، وقرأ قتادة {دُرِست} بضم الدال وكسر الراء وهي قراءة ابن عباس بخلاف عنه ورويت عن الحسن، قال أبو الفتح في {درست} ضمير الآيات، ويحتمل أن يراد عفيت وتنوسيت، وقرأ أبي بن كعب {درس} وهي في مصحف عبد الله، قال المهدوي وفي بعض مصاحف عبد الله أيضاً {درس}، ورويت عن الحسن، وقرأت فرقة {درّس} بتشديد الراء على المبالغة في درس، وهذه الثلاثة الأخيرة مخالفة لخط المصحف، واللام في قوله و{ليقولوا} وفي قوله: {ولنبينه} متعلقان بفعل متأخر تقديره صرفناها، وقرأ أبي بن كعب وابن مسعود {ولتبينه} بالتاء على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأه فرقة {وليبينه} بياء أي الله تعالى وذهب بعض الكوفيين إلى أن لا مضمرة بعد أن المقدرة في قوله: {وليقولوا} فتقدير الكلام عندهم وأن لا يقولوا كما أضمروها في قوله: {يبين الله لكم أن تضلوا} [النساء: 176].
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: وهذا قلق ولا يجيز البصريون إضمار لا في موضع من المواضع.